دمج الجمعيات الخيرية في البحرين- ضرورة لمواكبة التطوير وتحسين الأداء

المؤلف: خلف الحربي08.18.2025
دمج الجمعيات الخيرية في البحرين- ضرورة لمواكبة التطوير وتحسين الأداء

ذكرت صحيفة الوطن أن طائفة من المؤسسات الخيرية المنتشرة في ربوع الوطن تتشاور في هذه الآونة لتقديم التماس إلى معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية، يتضمن اقتراحا بدمج المؤسسات المتجاورة جغرافيا، وذلك في أعقاب تفاقم معاناتها جراء النقص الحاد في التمويل المالي وعزوف جمهرة كبيرة من رجال الأعمال عن تقديم العطايا والتبرعات السخية لها.

والحقيقة المرة أن وضع العديد من الجمعيات الخيرية يبعث على الأسى والشفقة، حتى في أزهى فتراتها عندما كانت تنعم بدعم وافر وتتدفق عليها التبرعات الجزيلة من أهل الإحسان بملايين الريالات. ويعزى هذا الوضع المتردي إلى جملة من الأسباب الجوهرية، أبرزها غياب الطموح في التطور ومجاراة مستجدات العصر، والاعتماد الكلي على النمط التقليدي واليسير للعمل الخيري، الذي يقتصر على تحويل مقر الجمعية إلى مخزن كبير لتكديس أكياس الأرز وعلب معجون الطماطم، التي قد تنتهي مدة صلاحيتها قبل أن يتم توزيعها على المستفيدين المحتاجين لخدمات الجمعية.

ناهيك عن أن ميزان الدعم والتبرع والإعلام يعاني من اختلال واضح، حيث يتم تهميش الجمعيات الخيرية التي تعتمد بشكل أساسي على جهود المتطوعين المخلصين (علما بأن الجهد التطوعي لا يقل أهمية بأي حال من الأحوال عن المال)، بينما تحظى الجمعيات التقليدية الراسخة بدعم سخي ومنقطع النظير، على الرغم من أن العاملين فيها يتعاملون مع مسؤولياتهم بصفة وظيفية بحتة، فيستفيدون من وجودهم في هذه الجمعيات دون أن يقدموا إسهاما فعليا وملموسا للعمل الخيري.

ومما يزيد الطين بلة، التشابه الكبير في التخصصات بين العديد من الجمعيات الخيرية، الأمر الذي يؤدي إلى تشتيت الجهود والموارد المالية وتبديد الخبرات المتراكمة، مما يحد من الفائدة المرجوة من هذه الجمعيات، بل يجعلها ضئيلة للغاية. وهنا تبرز الأهمية القصوى لعملية الدمج وتوحيد الطاقات وتضافر الخبرات في الجمعيات التي تتشابه في أهدافها ومقاصدها، حتى وإن كانت متباعدة جغرافيا. فكم من جمعيات خيرية متخصصة في مجالات حيوية وهامة، كالقطاع الصحي بفروعه المتعددة، ولكنها لا تحظى بالدعم الكافي لإنجاز رسالتها السامية، وذلك بسبب المنافسة الشرسة والمزاحمة المستمرة من جمعيات الأرز ومعجون الطماطم، مما يفقدها القدرة على التوسع واستقطاب أعداد أكبر من المتطوعين والمانحين.

وبناء على ما تقدم، نعود إلى ما أشرنا إليه سابقا في هذا المقال، من أن هذه الجمعيات الخيرية بحاجة ماسة إلى "هزة" شاملة وعميقة، كي تكون قادرة على مواكبة خطط التطوير والتحديث الطموحة التي تستعد لها البلاد. فقد تبددت مليارات أموال الداعمين والمحسنين سدى، دون أن تسهم بشكل فعال ومؤثر في مساعدة المحتاجين والمعوزين. وقد تكون هذه الحقبة الزمنية الراهنة فرصة سانحة وذهبية أمام الوزارة، كي تعيد بناء منظومة العمل الخيري من جديد على أسس متينة وقواعد راسخة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة